المعنى الأول: التركيب المزجي: وهو أن يتكون الشيء من متباينين، فأكثر كتركيب الحيوان من الطبائع الأربع، وهذا الكلام لا يتماشى مع الطب الحديث، فلا يمكن أن نتعسف الأدلة، ونقول: إن معناها كذا، عَلَى خلاف ما هي عليه، فكلام
ابن القيم في
الطب النبوي يدور عَلَى هذه الطبائع الأربع، وقد كَانَ في مرتبة عالية من العلم حتى في الطب؛ لأنه كَانَ ينتقد حتى الأطباء، وكان في عصره
ابن سينا و
داود الأنطاكي، وأمثالهم من أكبر الأطباء الذين تكلموا في خواص الأشياء، فكل الطب مبنى عَلَى هذه الأربع؛ لكن الطب الحديث الآن لا يقر بهذا الكلام ولا يعترف به ولا يدري ما معنى رطب ويابس.
وينبغي ملاحظة أمر مهم: وهو أننا نأخذ من كلام
ابن القيم -رَحِمَهُ اللَّهُ- الحديث وشرحه في الطب، لكن الكلام في هذه الأربع لا تقرأ؛ لأنه كلام مبني عَلَى علم عصري في عصرهم انتهى زمانه، وانتهى مفعوله الآن، ولو نسبت إِلَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكنا في مشكلة، فلنحذر من أن ينسب إِلَى الله ورسوله شيء مما وصلت إليه العلوم في هذا العصر بقطع ويقين، وغاية ما في الأمر أنها قد تفسر بعض ما دل عليه القُرْآن في الجملة، وأمر به من القول أو النظر في الآفاق أو النظر في الأنفس، فتركيب الحيوان من الطبائع الأربع عَلَى قولهم، منفي عن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فنحن نحلل المعاني معنى معنى، وننظر أنه -جل شأنه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيرا- يتركب كما تتركب أعضاء المخلوقات -عياذاً بالله- فهذا المعنى نرده ولا نقبله ولا يلزم من وصف الله تَعَالَى بالعلو، أو بأي شيء من الصفات الثابتة بالوحي أن يكون مركباً بهذا المعنى.11>